عبد اللّه خمّار
أوبريت
انتصار الحـبّ
Opérette Triomphe D'Amour
Par :Abdellah Khammar
في ثلاثة فصول
مهداة إلى كل ضحايا الإرهاب في الجزائر
وهي جزء من رواية "حب في قاعة التحرير" ومرتبطة ارتباطا وثيقا بحبكتها الدرامية.
الجزائر أكتوبر 2005
الشخصيات حسب ظهورها على المسرح
* الفتاة ذات الرداء الأبيض.
* المجموعات الفلوكلورية الراقصة الممثلة لمناطق الجزر.
* الصحفي المتجول.
* الشياطين الأربعة:
1- شيطان الطمع.
2- شيطان التعصب الديني.
3- شيطان التفرقة العنصرية واللغوية والجهوية.
4- شيطان الاستبداد.
* المجموعات التي يحاول شيطان الطمع التأثير فيها، وقسم منها يستجيب له والقسم الآخر يقاومه:
1- مجموعة إطارات الشركات والإدارات.
2- مجموعة مافيا الاستيراد.
3- مجموعة الموظفين.
4- مجموعة المعلمين.
5- مجموعة العمال.
6- مجموعة المسرحين.
7- مجموعة البطالين.
* المجموعة التي يحاول شيطان التعصب الديني التأثير فيها، وقسم منها يستجيب له والقسم الآخر يقاومه:
* مجموعات تمثل مناطق الجزر المختلفة والتي يحاول شيطان التفرقة إشعال نار الفتن العرقية واللغوية والجهوية بينها.
* مجموعة تمثل المجتمع المدني.
* مجموعة الإرهابيين وأميرهم.
* المجموعات الحزبية:
1- مجموعة الحزب الخضراوي وزعيمهم.
2- مجموعة الحزب الحمراوي وزعيمهم.
3- مجموعة الحزب البيضاوي وزعيمهم.
* الشهيد وهو يلقي نشيده قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
* رجال الإسعاف.
الفصل الأول
سمع صوت دقات ثلاث من وراء الستار، وتلاه صوت أجش يعلن :
"أوبريت انتصار الحب . الفصل الأول"
عزفت الفرقة الموسيقية الموجودة في أسفل المسرح على اليمين لحنا هادئا مريحا ورفع الستار أثناءه عن فتاة جميلة في حلة بيضاء سلطت عليها بقعة ضوء، ووراءها وعلى جانبي المسرح ديكور يمثل البحر والجبال والتلال والصحراء بألوان اختلط فيها الأزرق بالأخضر والأصفر والأحمر في تموج وتدرج بديعين . أنشدت الفتاة بصوت أوبرالي وبلحن بسيط أقرب إلى الحديث منه إلى الغناء :
أسـطورهْ كـانت أسـطورهْ تتحدث عنها المعـمورَهْ
أسطورهْ عن جزر في الشّمس تسمّى الجزر المنصورهْ
أضحت مثـلا بعد جـهـادٍ هزمَ المستعمرَ وشرورَهْ
جزرٌ بالرّحـمةِ بين بنـيها - كلِّ بنيـها- مشهـورَهْ
وتساقى أهـلوهـا زمـنـًا من خمرةِ حبٍّ معصورهْ
وعـيون العـالم أجمعُـها بتلاحُـمِهمْ هيَ مبهـورهْ
انطفأت بقعة الضوء واختفت الفتاة، وتغيرت الموسيقى لتصبح إيقاعية خفيفة. أضيء المسرح، ودخلت على أنغام الموسيقى مجموعة مكونة من عشرين شابا وشابة، كل زوجين يلبسان ثيابا فلكلورية تمثل مناطق الجزر المختلفة وهم يرقصون ويتحركون على المسرح ذات اليمين وذات الشمال في خطوات منسجمة متناسقة متناغمة،وقد تداخلت ألوان حللهم الجميلة لتتغير في كل مرة فترسم شكلا جديدا.
انتهت الرقصة وانطفأت الأضواء. عزفت الفرقة الموسيقية التي يرتدي أفرادها ثيابا موحدة تقليدية عبارة عن سروال أبيض وسترة خضراء وشاشية حمراء على الرأس موسيقى هادئة. ظهرت بقعة الضوء من جديد وبرز من خلالها شاب من الجهة اليمنى للمسرح يلبس ثيابا زرقاء ويحمل كاميرا صغيرة ويلتقط صوراً للديكور على اليمين والشمال. تدخل من الجهة اليسرى الفتاة ذات الرداء الأبيض يستوقفها الشاب :
الشاب: نعمتِ صباحاً
الفتاة: بل ظهراً فنحن الآن في الظهْر ِ
أهـلاً بكَ في بـلـد تِـنـا أأمُرْ فأنا رَهْنُ الأمر ِ
الشاب: إني صحفيٌّ جوّالْ جئت لجزر المنصورهْ
لأعاين فيها الأحوالْ وأسجّل عنها صـورهْ
الفتاة: ما اسم صحيفتك الورقيَّهْ ؟
تسأله باستغراب :
لا تسألُ عمّن " رَسْمَلها" أيدي الأشراف أم الدونيّهْ ؟
لا تسأل عمّن رسَمَ لها خطّ الأحرار أو التبعيّهْ ؟
- لا تنسيْ أنّي صحفيْ ولست ملاكاً علويّا
لكنَّ ضميري المهنيْ حيٌّ ما أبقى حيّا
أما التمويل فـ"خاطيني" هذا شيء لا يعنيني
تشير له إلى الساحة قائلة:
هذي ساحتنا المشهورهْ فتجوّل وخذ الصّورهْ
تتابع الفتاة طريقها، ويضاء المسرح من جديد، وتظهر مجموعة من النساء والرجال في حللهم الجميلة .
يخاطب الصحفي المجموعة :
" إني صحفيٌّ محترفُ الصدق شعاريَ والشرفُ
ليدافع عن أسْمى القيم ِ
مجموعة الشباب :
" ويكافحُ من أجل الإنسانْ أوباءَ الظلمةِ والطغيانْ
الصحفي :
" الشكر لكمْ الشكر لكمْ هل يمكن لي أن أسألكمْ؟
عمّن يمثل هذا الشعبْ من كل فضاءٍ أو حزبْ "
المجموعة :
" نحن النسـاء والرجــالْ نحن الشيوخ والأشبالْ
من عُمْق ِ الجزر المنصورهْ من بلد الحب المشهورهْ
الصحفي : " وما الذي يجمعكم ؟
يكتب الصحفي في دفتر الجواب : الحبُّ الحبْ "
تواصل المجموعة :
" بالحبِّ نعيشُ أعزَّ حياة ْ وبه نتحصّن للأزماتْ"
مجموعة الشاب: " نتحد معا جسدا قويا واحدا"
مجموعة الشابات " نبني وطنا حرا عزيزا ماجدا"
الصحفي : هل يحيا وطنٌ بالحبْ ؟ هل هو أكل أو شرْبْ ؟
مجموعة الشباب :
" الحبُّ ضياءٌ علويْ والحـبُّ سلوكٌ يوميْ "
مجموعة الشابات :
" الحبُّ كفاح وتعاونْ والحبُّ سماحٌ وتضامنْ"
يكتب الصحفي العبارتين الأخيرتين في دفتره.
مجموعة الشباب : " الحبُّ لنا يعني الوطنا
يعني العملا يعني الأملا"
مجموعة الشابات : " حبُّ الخير ِ حبُّ الغير ِ
حبُّ الناس ِ والأجناس ِ
يكتب الصحفي ويردد بصوت مسموع:
حبّ الخير ِ حبّ الغير ِ
حبّ الناس ِ والأجناس ِ "
المجموعة : " بالحبّ نعيشْ مُتآخيـنا
مجموعة الشباب : لاحقرةَ لا إهانهْ "
مجموعة الشابات : لاغدرَ لا خيانهْ
المجموعة : نتحدُ معاً جسداً قوياً واحدا
يردد الصحفي العبارة الأخيرة وهو يكتبها في دفتره.
تكرر المجموعة المقطع الأخير ثم تنسحب إلى جانب المسرح الأيسر، وينطفئ الضوء المسلط عليها . تتغير الموسيقى فتصبح مثيرة رهيبة. تتجه بقعة الضوء إلى الجانب الأيمن من المسرح حيث تدخل مجموعة الشياطين الأربعة يلبسون عباءات سوداء وعلى وجوههم أقنعة مخيفة متشابهة . يبقى الصحفي في زاوية يراقب دخولهم وذراع كل واحد منهم في ذراع الآخر وهم ينشدون بصوت أجش مهيب:
" نحن شياطين الإنْس ِ نحيـا بالفتنة والدسّ ِ
نمشي في دعوةِ إبليسْ ونحيلُ الحلمَ كوابيسْ
يترك كل منهم ذراع الآخر ويتقدمون واحداً واحداً:
الأول : " ويلٌ للحبْ "
الثاني : " تعساً للسلمْ "
الثالث: " ونعم للكرهْ "
الرابع: " وأجَلْ " للظلمْ "
يعودون للاتحاد من جديد يكررون نشيدهم من جديد وهم يتحركون على المسرح.
الشيطان الأول : " بل قل: مَنْ أنتْ؟"
الصحفي: " أنا صحفيٌ جوّالْ "
الشيطان الأول : " هيّا، اهربْ، غادرْ في الحالْ !
الشيطان الثاني : " فستجري في الجزر الأهوالْ!"
الشيطان الثالث : " وحيـاتك في خطر ٍ قتّالْ ! "
الشيطان الرابع : " وستـُخطفُ حتماً أو تـُغتالْ ! "
الشياطين معا : " هيا سافرْ غادرْ في الحالْ "
يدفعه الشياطين إلى خارج المسرح ويكررون نشيدهم وهم خارجون. تخفت الموسيقى قليلا قليلا. يعود الصحفي من جديد. ينظر حواليه وهو يضحك ويخاطب الجمهور:
" الأمر مزاحٌ لا جدُّ واللعبة شيقة تبدو
ثلة شبّـان ٍ مجانينْ لبسوا أقنعة الشياطينْ"
ينظر إلى الساعة ثم يتابع:
" سأعجِّلُ حتما بالسفر ِ لا خبرَ مثيرٌ في الجزر ِ
فـالحبُّ مقيمٌ للأبدِ للولـدِ وحـفيدِ الولدِ
لا أثرَ لكرهٍ أو حَسَدِ فوداعاً يا أبهـى بلدِ
سأزور أقاليماً أخرى ملأى بالأحداث الكبرى
ثوراتٌ حربٌ إعصارْ فهواء الصحفيِّ الأخبارْ
يخرج الصحفي ويغلق الستار .
الفصل الثاني
فتح الستار في قاعة الموقار على أحداث الفصل الثاني. يدخل الشياطين الأربعة وهم يلبسون أردية سوداء وأقنعة مخيفة, وهم يعيدون ما أنشدوه في الفصل الأول :
نحن شياطين الإنس ِ نحيا بالفتنة والدسّ ِ
نمشي في دعوةِ إبليسْ ونحيلُ الحلمَ كوابيسْ
ينزوي الشياطين الثلاثة في زاوية من المسرح, ويبقى شيطان واحد يخاطب الجمهور :
اِسمي شيطان الطمع ِ أحيا باللهفة والجشع ِ
وأفكك أوصال الأسر ِ وأبدِّد شمْل المجتمع ِ
أغرس فيهم حبَّ الذاتْ ورفاهَ العيشةِ واللذاتْ
وشعاري دوما هاتْ هاتْ وخذوا عني الممْنوعاتْ:
لا تتعاونْ, لا تتبرَّعْ لا تتضامَنْ, لا تتطوَّعْ
إيّاكُمْ مِنْ لفظةِ خـُذ ْ قولوا دوماً: هاتْ هاتْ
يطلب من الجمهور أن يردد معه : هاتْ هاتْ هاتْ هاتْ
تدخل مجموعة رجال ونساء من 10 أشخاص يلبسون بدلات أنيقة.يخلع الشيطان القناع والعباءة فيبدو واحداً منهم. يُنشدون :
نحْنُ الإطاراتُ الإطاراتْ في الشّركاتِ وفي الإداراتْ
نحن شيوخ البلديّاتْ ولديْنا مَسْؤوليّاتْ
زادتْ أعباءُ النفقاتْ لا تكفينا الإيراداتْ
للفيـلا والسياراتْ ومصاريفِ الرِّحلاتْ
يخاطبهم الشيطان:
أعْطوا الرُّخَصَ لِمَنْ يَدْفعْ بيعوا الصَّفقاتِ لمن يرْفعْ
أحدهم : هذي رِشْوَهْ
الشيطان: بَلْ هيَ قهْوَهْ
الآخر : هذي سَرقهْ
الشيطان: بلْ قـُلْ صَدَقهْ أنتمْ أوْلى بالصَّدقاتْ
تردد نصف المجموعة :
نحن الأوْلى بالصَّدقاتْ نحن الأوْلى بالصدقاتْ
ويردد النصف الأخر :
نحن الشُّرَفا أهلَ النَّخْوَهْ لا لا لنْ نتعاطى الرِّشوَهْ
يعارضها النصف الآخر:
بل نعطي الرخص لمن يدفعْ نعطي الصفقات لمن يرْفعْ
الشيطان:
إيّاكمْ من لفظةِ "خُذ ْ" قولوا دوماً: هاتْ هاتْ "
تردد نصف المجموعة : هاتْ هاتْ هاتْ هاتْ
يردد النصف الآخر : لن نرضى الرِّشوَةَ هَيْهاتْ
ذات الرداء: هذا شيطان ملعونْ يُغويكمْ يامسؤولونْ
تخرج المجموعة ويبقى ثلاثة منهم .
يدخل خمسة رجال يلبسون بذلات أنيقة ومعهم خمس نساء بأثواب أنيقة جدا ويضع كل منهم قناعا أنيقاً ويرددون:
يسألهم أحد المديرين الثلاثة :
من أنتم قولوا كيْ نسمعْ
يجيب أحدهم: من يربح دوماً لا يخسرْ
من يدفع كي يقبض أكثرْ
الثاني يشير إلى نفسه وإلى زميله :
مافيا القمح ِ ومافيا السُّكَّرْ
ثم إلى زملائه:
وكافـَّة ُ مافيا الاستيرادْ
إسمنتٌ ملحٌ خشبٌ عنبَرْ
وثيابٌ أدوية ٌ وسَمادْ
تتحرك المجموعة على المسرح :
يردد الثالث:
امرأة ثانية:
نتعاون مع مافيا الميناءْ وتساعدنا مافيا التهريبْ
المدير الثالث :
نقسم معكم جلَّ الأعباءْ ونشاركم في كل نصيبْ
ذات الرداء الأبيض :
سنكشفكم وسنفضحكمْ وبالقانون نحاسبكمْ
مجموعة المافيا : هاها هاها هاها هاها
يشير أحدهم بسخرية إليها مردداً:
ستكشفنا وستفضحنا وبالقانون تحاسبنا
هاها هاها هاها هاها
تردد امرأة منهم:
وبالقانون تحاسبنا هاها هاها هاها هاها
يدخلون وهم يرددون : هاها هاها هاها هاها
ويدخل المديرون الثلاثة : تدخل مجموعة أخرى مكونة من 18 شخصا من الرجال والنساء وتنقسم إلى ثلاثة زمر, وكل زمرة من ثمانية أشخاص تنشد
الزمرة الأولى:
نحن نحن الموظـفينْ محرومونَ ومقهورونْ
أمضينا العمر مع الروتينْ وهرمنا مِنْ قبل الخمسينْ
تنشد الزمرة الثانية :
نحن نحن المعلمينْ مظلومونَ ومنهكونْ
نكدح من أجل الأجيالْ والدولة تبخل بالأموالْ
تنشد الزمرة الثالثة :
نحن العمّال البسطاءْ نعمل دوماً صبحَ مَساءْ
ما عادت قدرة الشِّراءْ تكفي للأكل وللدَّواءْ
تنشد المجموعة كلها :
العيشة صارتْ ضنكا والحالة أضحت أنكى
العمر بنا يذهب بَدَدَا والرّاتِبُ لا يكفي أحَدا
يدخل الشيطان إلى المسرح, وينزع قناعه وعباءته, فيصبح كأنه أحد العمال. يخاطبهم :
يا مظلومين اتـَّحِدوا تَمَرَّدوا واحْتشِدوا
توقفوا عَن العَمَلْ وأضربوا إلى أجَلْ
أحد العمال : هذا تقصيرْ
الشيطان : بل هو تحذيرْ للمسؤولين عن الأسبابْ
عامل آخر : هذا تدميرْ
الشيطان : بل هو تدبيرْ اِرْتاحوا فالعملُ عذابْ
نصف المجموعة :
هياّ هياّ إلى الإضرابْ هياّ هياّ إلى الإضرابْ
النصف الآخر :
لا توقيفَ ولا إضراب طلب الحق له آدابْ
تنطفئ الأنوار وتضيء عدة مرات على دخول المجموعتين إلى المسرح.
يهتف جزء من المجموعة الأولى تمثل المسؤولين:
نحن الشرفا أهل النَّخوَهْ لا لا لن نتعاطى الرشوهْ
يهتف الجزء الثاني :
بل نعطي الرخصَ لمن يدفعْ نعطي الصفقاتِ لمن يرفعْ
هاتْ هاتْ هاتْ هاتْ نحن الأولى بالصدقاتْ
الجزء الأول:
لن نرضى الرشوةَ هيهاتْ لن نرضى الرشوةَ هيهاتْ
وجزء من المجموعة الثانية تهتف :
هياّ هياّ إلى الإضرابْ هياّ هياّ إلى الإضرابْ
جزء من المجموعة الثانية :
لا توقيف ولا إضرابْ طلب الحق له آدابْ
تكاد المجموعتان تشتبكان.تدخل ذات الرداء الأبيض وتحاول فك الاشتباك:
هذا شيطان كذ ّابْ وله قرنان وأنيابْ
إياكم يوماً تصدّقوهْ وقفوا صفاً لتطردوهْ
تخرج المجموعتان متشابكتان وذات الرداء الأبيض تلحق بهما لفك الاشتباك.
تدخل مجموعة أخرى إلى المسرح من ثمانية عشر شخصا مكونة من زمرتين.
الزمرة الأولى:
نحن جموع المسرَّحينْ مديونونَ ومفلسونْ
ليـس لأطفالنا غذاءْ إلاّ الخبزَ وإلاّ الماءْ
الزمرة الثانية :
نحن جموع البطّالينْ من الشَّباب المُهَمَّشينْ
نبحث دوماً عن العملْ مِنْ غير جدوى ولا أمَلْ
نحلم بالـ"فيزا" والسَّفَرْ والهجرةِ من هذه الجزرْ
يتحدث الشيطان معهم:
هيا هيا غادروا أخلوا البلاد وهاجروا
إلى بلاد الأغنياءْ لكي تعيشوا سعداءْ
تخاطبهم ذات الرداء الأبيض وهم يخرجون من المسرح وتتبعهم :
ابقوا هنا وصابـِروا لابد أن تنتصروا
فلنْ تعيشوا سعداءْ على تراب الغرباءْ
ستبد ؤونَ أجَراءْ وتنتهونَ أجراءْ
تطفأ الأضواء ثم تنبعث الموسيقى من جديد على الشيطان الثاني الذي يدخل ليخاطب الجمهور :
وأنا المتعصب فاخشوني أعتى شيطان في الكون ِ
يخلع قناعه ورداءه فإذا به في جبة وقميص ولحية. يخبىء قناعه ورداءه في صدره ويتم كلامه :
أتجر عموماً بالدين ِ أفتي أفتي فاستفتوني
سأكفِّرُهم وأعزِّرُهُمْ وبالإرهابِ أدمِّرُهُمْ
وأحـيلُ الحُبَّ إلى بغضاءْ وسـماحَ الدّين إلى شـحناءْ
أعواني قد صاروا أمراءْ في الجبل وفي عمق الصحراءْ
فلتَرْو ِ الأرضَ بحورُ دِماءْ وليُفـن ِ الأبـنـاءُ الآبـاءْ
تدخل مجموعة من الرجال والنساء مكونة من عشرين فردا يلبسون أردية مختلفة يصعد الشيطان على كرسي ويخاطبهم:
أيها الناس اسْمعوا وإلى الله ارْجِعوا
انقلوا عنّي الأثرْ وخذوا منّي العبرْ
توبوا للخالق قبل الفَوْتْ وقبل حضور ملاكِ المَوْتْ
لا تبتهجوا .لا تبتسموا صونوا أنفسكم واحتشموا
يتابع الشيطان وهو يتمايل ذات اليمين وذات اليسار وكأنه حُضر:
أنا الأمير بحول اللهْ وأنا أحكم باسم اللهْ
الموسيقا كفرٌ وحرامْ والسينما فِسْقٌ والأفلامْ
والتلفزيونْ و"البارابولْ" و"الأنترنيت" من الآثامْ
يأخذ رداءه الأسود من صدره وينشره بيده ثم يقول :
المرأة عورهْ غطّوها غطّوها
ودعوها في الدار دعوها دعوها
يلقي بردائه الأسود على إحدى النساء فيلقي نصف الرجال الآخرين أردية سوداء على بعض النساء الموجودات وهم يكررون :
المرأة عورهْ غطّوها.. غطّـوها
ودعوها في الدّار دعوها.. دعوها
تنتفض بعض النساء وبعض الرجال وهم يحاولون نزع الأردية ويرددون :
يا امرأة ً ثـوري ثـوري سـحقاً للظـلم وللجور ِ
ثوري ثوري كوني حرَّهْ ثوري ثوري ضد الحقرهْ
يصرخ الشيطان الشيخ مشيرا إلى أحدهم :
الكاتب هذا فاجرْ هيّا هيّا اقتلوهْ
تهاجمه مجموعة منهم فيهرب ويدخل إلى داخل المسرح ويسمع صوت ثلاث رصاصات.تعود المجموعة الملاحقة إلى المسرح ويضع أحدهم مسدسه في جيبه بعد أن ينظف ماسورته أمام الجمهور.
يشير إلى آخر:
والمطرب هذا داعرْ هيّا هيّا اذبَحوهْ
يلا حقه اثنان منهم إلى داخل المسرح. ثم يخرجان وأحدهما يمسح موسه. يتابع الشيطان تعليماته بالقتل والذبح:
هذا صحفي كافرْ هذا زنديقٌ شاعرْ
هذا شرطي طاغوتْ هذا جندي ظلموتْ
تهاجم المجموعة كل من يشير إليهم ويختفون في الداخل ثم نسمع صوت الرصاص أو نشاهد مسح الموس.
يحدث اشتباك بين من يستمعون للشيطان والمعارضين :
تدخل ذات الرداء الأبيض وتحاول أن تجعل الناس يستمعون إليها:
إياكم من هذا الشيطانْ لا تسـتمعوا للبهتانْ
الدين سلامٌ والأديانْ جاءت لخلاص الانسانْ
لا للفتنةِ والطغيانْ
تنطفئ الأضواء على صوت الرجال والمجموعة الأولى تردد:
المرأة عورهْ غطّوها غطّوها
والمجموعة الثانية تردّد :
ثوري ثوري كوني حرّهْ ضد الظلم وضد الحقرهْ
تطفأ الأضواء وينبعث صوت الموسيقى ثم تعود الأضواء من جديد على الشيطان الثالث يدخل ليخاطب جمهور المسرح:
وأنا الشـيطان الخنّـاسْ أهدي البغضاءَ إلى الأجناسْ
وأحيل الثقة إلى وسواسْ وشكوكٍ تنهش صدر النّاسْ
أذكى النّعرات العِرْقِيَّهْ وأثيرُ الفِتنَ اللغَويَّهْ
وأؤجِّجُ نار العصَبيَّهْ وأدقُّ طبولَ الجهَويَّهْ
تدخل إلى المسرح مجموعة من الرجال والنساء يرتدون ملابس موحدة, ويخلع الشيطان قناعه ورداءه فيصبح واحداً منهم ويخاطبهم:
أنتم من جبل الأحرارْ أصحاب الدمِّ الفوّارْ
أحييتم لغة الأجدادْ لغة الأبطال الروادْ
تحيا تحيا لغة الجبل ِ يا لغة الأجداد الأول ِ
يا لغة العزة والأصل ِ
تردد المجموعة معه:
تحيا تحيا لغة الجبل ِ يا لغة الأجداد الأول ِ
يا لغة العزة والأصل ِ
تدخل مجموعة أخرى من النساء والرجال ترتدي لباسا موحدا مختلفا عن لباس المجموعة الأولى , يأتي الشيطان إليهم ويخاطبهم:
أنتم من سهل الأقحاحْ أحفادُ الماضين الصلاّحْ
أعليتم لغة الأمجادْ ووضعتم فيها الأكبادْ
تحيا تحيا لغة السّْهل ِ يالغة الممتنع ِالسهل ِ
يا لغة الوحدة والوصلْ
تكاد المجموعتان تشتبكان. تهتف الأولى:
تحيا تحيا لغة الجبل ِ
والثانية تقول :
تحيا تحيا لغة السّْهل ِ
تدخل ذات الرداء الأبيض وتحاول التفريق بينهم:
لا تقتتلوا لا تنتحروا هذا الشيطان له وطرُ
أنْ تقتتلوا حتى تهنوا وتضيع الأرض والوطنُ
تتبعهم وهم يخرجون
تدخل مجموعة أخرى مكونة من خمسة رجال يلبس أصحابها ثياباً مختلفة يخاطبهم الشيطان بقوله:
العاقل في هذا العصر ِ لا يأمن في الدنيا أحدا
فالناس تساوتْ في المكر ِ وليس سوى الدِّرْهَم ِسَنَدا
يقترب من أحدهم فيهمس في أذنه:
أغْلقْ بابَكَ واحْذرْ جارَكْ
إحذر مِنْ أهْل الجَبل ِ
يلتفت الرجل حوله حذراً خائفاً
يقترب من الآخر ويهمس في أذنه:
احْذرْ خِلَّكْ احذرْ ظِلَّكْ
احْذرْ مِنْ أهْل السَّهْل ِ
يلتفت الرجل حوله حذرا خائفا
يقترب من الآخر ويهمس في أذنه:
لا تأمَنْ أهْلَ الشَّرْق ِ
يلتفت الرجل حوله حذراً خائفاً
يقترب من الآخر ويهمس في أذنه:
إيّاكَ وأهْلَ الغَرْبِ
يلتفت الرجل حذرا خائفا
يقترب من الآخر ويهمس في أذنه :
احذر من أهل الصحراءْ
يلتفت الرجل حذرا خائفا
يبقى الرجال يلتفتون خائفين حذرين كل منهم من الآخر. تدخل ذات الرداء الأبيض وتخاطبهمْ:
إيّاكُمْ مِنْ هذا الشيطانْ وثِقوا بالإخوة والجيرانْ
أبناءِ الوطن فهمْ أعوانْ في الأفراح وفي الأحزانْ
تخاطبهم واحداً واحداً:
افتحْ بابَكْ
آمنْ جارَكْ
أهلُ الجبل ِوأهلُ السّهل ِ أحبابٌ من عُمر الدَّهْر ِ
أهل الشرق ِ وأهل الغربِ رئتان لهذا القطر ِ
أهل الصَّحراء هُمُ القلبُ لهُمُ العُتبى لهُمُ الحُبُّ
يخرجون خلال حديث ذات الرداء الأبيض.
تطفأ الأضواء أثناء خروج ذات الرداء.تعزف الموسيقى ثم يضاء المسرح من جديد. يدخل الشيطان الرابع مخاطبا جمهور المسرح:
وأنا شيطانُ الاستبدادْ أحيا بالكَبْتِ والاسْتِعْبادْ
تخنقني ريح الحُريَّهْ وخُفوق ِ الأرواح الحَيَّهْ
سأعلّمهمْ حَنْيَ القامَهْ تمريغَ الجَبْهَةِ والهامهْ
وألقـِّنُهُمْ خَفْتَ الأصْواتْ ليصيروا خُرْساً كالأمْواتْ
سأجْعَلُ مِنْهُمْ أغْناما يَهوونَ الاسْتِزْلاما
تدخل ذات الرِّداء الأبيض وتخاطبه قائلة:
لنْ تخْنُقَ فينا الحُريَّهْ لنْ نرْضى الديكتاتوريَّهْ
يضحك ضحكة شيطانية , ويخاطب ذات الرداء الأبيض :
ستروني حينَ يجِدُّ الجِدْ وسَيأتي دَوْري مِنْ بَعْدْ
ذات الرِّداء بانفعال: دوْرُكَ لنْ يأتي أبَدا
يجيبها بهدوءٍ شيْطاني: بل يأتي ـ ستريْنَ ـ غَدا
حينَ يسودُ الطَّمَعُ ويسْتبِدُّ الجَشَعُ
كلٌّ يقولُ" أنا أنا" ولا يقول " المَوْطِنا"
والكرهُ يشيعُ في الأجناسْ وتعُمُّ الفُرقَة ُ بيْنَ النّاسْ
وتسود الفوضى في البلدِ لا يُعْرفُ أحدٌ مِنْ أحَدِ
سَيُؤلِّهونَ الديكتاتورْ وَيُحْرقونَ لهُ البُخورْ
وسأرفع فوقهم صَنَما ليعبدوه رَغَما
يضحك ضحكة هستيرية ويتابع:
وسأظهرُ حينَ يجِد الجَدْ وسيأتي دوري مِنْ بَعْدْ
يختفي الشيطان وتطفأ أضواء المسرح وتسمع أصوات المجموعات:
هاتْ هاتْ هاتْ هاتْ نحن الأولى بالصدقاتْ
هيا هياّ إلى الإضرابْ هيا هيّا إلى الإضرابْ
نبغي التأشيرة للسفر ِ والهجرة من هذي الجزر ِ
المرأة عورهْ غطّوها ودَعوها في البيت دعوها
ثوري ثوري كوني حرَّهْ ضد الظلم وضد الحُقْرَهْ
كافرْ كافرْ اقتلوهْ
صحفيٌّ فاجرْ اذبحوهْ
تحيا تحيا لغةُ الجبل ِ يالغة الأجدادِ الأُوَل ِ
يالغة العزَّةِ والأصْل ِ
تحيا تحيا لغة السَّهْل ِ يالغةَ المُمْتَنِع ِ السَّهْل ِ
يالغةَ الوَحْدَةِ والأصْل ِ
أغْلقْ بابَكْ واحذرْ جاركْ احذر من أهل الجبل ِ
احذرْ خِلّكْ احذرْ ظِلَّكْ احذر مِنْ أهْل السَّهْل ِ
لا تأمَنْ أهلَ الشرق ِ واحذرْ من أهل الغربِ
إيّاكَ وأهل الصحراءْ
تختلط الأصوات ببعضها البعض ويعلو صوت ذات الرداء الأبيض تصرخ مستَنْهِضَة ً الهـِمَم:
أين الزعماءْ؟ أين الحكماءْ؟ أين الأدباءْ؟ أين الشعراءْ؟
مَنْ ينقذُ هذا الوطنـا؟ من يوقف هذي المحنا؟
الصّوت تلاشى دون صدى كل الصَّيْحاتِ غدتْ بَدَدا
الأذْنُ أصيبتْ بالصَّمَم ِ لا يَسْمَعُ أحدٌ إلاّ هَمْسَهْ
والعيْنُ أصيبتْ بالعَمَهِ لا يُبْصِرُ أحَدُ إلاّ نفْسَهْ
تضاء الأضواء الخافتة في المسرح.تظهر ذات الرداء الأبيض برداء أسود وتنشد:
الشمسُ انطفأتْ في الجُزُر ِ والظُّلمَةُ نزلتْ كالقَدَر ِ
هبّ الإعصار ْ إعصار الكُرْهِ على وطني
أضْرِمَت النّارْ نيـرانُ الفُرْقـةِ والفِتَنِ
الدَّمُ يجري أنهارْ والنَّغمُ رَصاصٌ ودَمارْ
ذوت الأزهارْ هوت الأشجارْ
غارت في الأرض الآبارْ هجرت مأواها الأطيارْ
خرج الخفّاشُ من الوكر ِ بدت الحيّاتُ من الجُحْر ِ
والحبُّ توارى في خَفَر ِ والبُغْضُ تَحَكَّمَ في الجُزُر ِ
تُطفأ الأضواء ويسدل الستار .
الفصل الثالث
أعطِيَتْ إشارة البدء فانطفأت الأضواء وارتفع الستار:
يدخل الصحافي ومعه الكاميرا. الديكور نيران محترقة. خرائب. أشخاص يسيرون بتثاقل بذراع أو رجل مضمدة أو رأس تظهر بقع الدم على العصابة البيضاء التي تغطيه، وآخرون يحملون جرحى. صبايا يتلفتون في ذعر.يصور الصحافي ويقول متعجبا:
أأنا في حلم ٍ أم علم ِ؟ هل هذي الجزر المنصورَهْ؟
بلدُ الحبِّ بلدُ السِّـلم ِ بهـما في العـالم مشهورَهْ
فـعلامَ تبدّلت الصورهْ ؟
يتلفت حوله مندهشا:
هـذي أبـنية مهجورَهْ ودماء تسـفك مهدورَهْ
وصبايا تهرب مذعورَهْ وعيونٌ تدمع مقهورَهْ
تمر ذات الرداء الأسود فيستوقفها ويسألها :
ظننت هذا البـلدا منـارةً لـنْ تخمُدا
وشـعبـها مُوَحَّدا والعـيش فيها رَغَدا
كنتمْ مِثـالاً للوَرى فلِمَ اتجهتم قهْـقرى؟
ماذا جرى ياهَلترى؟ وما الذي فصم العُرى؟
ذات الرداء الأسود في أسى وحزن:
عـايـنْ بنفسِـكَ وانظر ِ واحـذرْ دروبَ الخـطر ِ
فرصاص الإرهاب الأعمى يقنص غدراً، يَقتلُ ظلما
يـحميـك الله و يحميـنا ممّـا يؤذيك و يؤذيـنا
تتركه وتغادر المسرح. يبدأ الصحفي بالتجول. تدخل مجموعة من الرجال والنساء. تهتف قائدتهم وتتبعها المجموعة:
فلتحيا الديمقراطيهْ تحيا تحيا الجمهوريّهْ
يسقط أعداء الحريهْ والأحزاب الإرهابيّهْ
يقف الصحفي مخاطبا قائدتهم:
إنّـي صحفي طـوّافْ في البلدان ,في الأريافْ
جئت لجزر المنصورهْ لأسجل اصدق صورهْ
وبذهني مليون سـؤالْ عما اعتراها من أحوالْ
اسألكم:من هذا الحزبْ ؟ وهلْ يمثـِّلُ هذا الشعبْ ؟
تجيبه القائدة:
نحنُ مِنَ المجتمع المدني غـايَـتـُنا إنقاذ الوطـن ِ
نحن نمثلُ شعبَ الجزر ِ معه في الصَّفو وفي الكدر ِ
والباقي قطعانُ ذئابْ أدواتٌ بيدِ الإرهابْ
عهداً أنّـا نستأصلهمْ لا نستثني أحدا منهمْ
يسال الصحفي: أين الرحمة؟ أين الحبْ؟
تجيب القائدة: لا للرحمةِ لا للحبْ
لن نرحمَ قطعان ذئابْ ووحوشاً تلبس أثوابْ
تغادر المجموعة المسرح وهي تهتف:
فـلتحيا الديمقراطيَّهْ تحيا تحيا الجمهوريَّهْ
تدخل مجموعة من الملثمين المسلحين إلى المسرح ويحيطون بالصحفي ويمسكه اثنان منهم من ذراعيه و يأخذون منه أوراقه وتظل الكاميرا معلقة في رقبته فيسألهم:
من انتمْ؟
يجيبه أحدهم: بل قل من أنتْ؟
الصحفي: أنا صحفيٌّ
يسأله الآخر: ولِمَ حضـرْتْ؟
الصحفي:
أنقلُ بالصورةِ والخبـر ِ أحوال الشعب في الجزُر ِ
يجيبه الثالث:
نحن نمثـِّلُ هذا الشعبْ صدقاً لا شرق ولا غربْ
لا نرضى حكم القانون ِ بل حكمَ الشرع والدين ِ
والعـادون لنا أذنـابْ أو عملاءٌ للأغـرابْ
نذبحهم نتخلص منهمْ لا نستثني أحدا منهمْ
الصحفي: أين الرحمة؟ أين الحبْ؟
يجيبه الرابع: لا للرحمة لا للحبْ
لا نرحمُ قوما كُفـّارا لا نُبقي منهم ديـّارا
الصحفي: من يتكلم باسمكم؟
نطق احدهم: أنا الأمير صائبُ
نطق الثاني: وأنا الأمير غالبُ
ينطق الثالث: وأنا الأمير صاحبُ
يسحب الرابع مسدسه ويخاطب الثلاثة:
فلتصمُتوا إلى الأبدْ لن يَنْجُوَنْ منكم أحَدْ
يحاولون الهرب ويخرجون من المسرح ويسمع صوت ثلاث رصاصات ليعود بعدها الرابع فينفخ في فوهة مسدسه وينظفها، ثم يقول متحدياً المجموعة:
وأنا أميرُ الأمراءِ من لا يبايعُ بولائي؟
تخاطبه المجموعة:
سمعاً لمولانا الأميرْ وبأمره دوما نسيرْ
يسمع صوت الصفارات يقول الأمير:
الشرطة قادمة، هيّا فلنذهب من هذي السّاحهْ
يشير احدهم إلى الصحفي:
هل نقتل هذا الصحفيّا أم نخلي " مولايَ" سَراحَهْ
الأمير وهو يغادر:
أفٍّ أفٍّ من ذا الجهل ِ لا وقت لدينا للقتل ِ
ينسحبون ويبقى الصحفي في الساحة. تدخل مجموعة من الرجال الملثمين والنساء المحجبات يحملون راية خضراء :
نحن الحزب الخضراوي حزب التمسُّكِ بالأصل ِ
يحيا الزعيم السّـمحاوي من جاء بالقول الفصل ِ
المجموعة:
الموكب آتْ والسيدُ آتْ والفرحة عمَّتْ والزيناتْ
يدخل السمحاوي بعمته وبرنوسه محييا جماعته بهزة رأسه يمينا وشمالا. يلتقط الصحفي صوراً له وللمجموعة، ثم يحاول أن يتحدث مع أحدهم فلا يجيبه أحد. يخرجون وهم يهتفون:
الخضراوي أنقى حزب ِ يُصغي لأمانيِّ الشعب ِ
تدخل مجموعة أخرى من الرجال والنساء وبملابس فولكلوريّة وهم يحملون راية حمراء ويرددون:
نحن الحزب الحَمْراوي حزب التحرّر والوَحْدَهْ
يحيا الزعيم الوَحْداوي يحيـا المجاهدُ والعُمدهْ
المجموعة:
مجِّدوا وبَجّلوا وصفقوا وهللوا
للزعيم الأمجدِ والرئيس الأوحدِ
يدخل الزعيم الوحداوي ويهز رأسه يمينا وشمالا محييا جماعته. يلتقط الصحفي صوراً له وللمجموعة،ثم يحاول أن يتحدث مع أحدهم فلا يجيبه أحد. يخرجون وهم يهتفون:
الحمراوي أقوى حزبِ ينطق دوما باسم الشعبِ
تدخل مجموعة أخرى من الرجال والنساء بملابس عصرية تحمل راية بيضاء:
نحن الحزب البيضاوي حزب التقدم والعصْر ِ
يحيا الزعيم الفتحاوي هو المؤهل للنّـصْر ِ
المجموعة: حيّـوا القائدْ حيّوا الماجـدْ
حيـّوا رمز الحزب الواعدْ
يدخل الزعيم الفتحاوي بلباس عصري أنيق وهو يحيي جماعته. يلتقط الصحفي صوراً له وللمجموعة، ثم يحاول أن يتحدث مع أحدهم فلا يجيبه أحد. يخرجون وهم يهتفون:
البيضاوي أرقى حزبِ عبّر عن آمال الشعبِ
تدخل ذات الرداء الأسود فيستوقفها الصحفي:
قولي لي يا ذات الصَّوْن ِ ما دخلُ الحزبِ باللوْن ِ؟
ذات الرداء:
اللونُ لصيقٌ بالكوْن ِ واللونُ أســاسٌ في الفـنِّ
وتناسقهُ إشعاعُ فَرَحْ يسـتهوي العينَ بقوس قزَحْ
الصحفي:
لكنَّ الألوان الحزبيَّهْ لا تتعدَّدُ بل تتفـرَّدْ
لا تتناسق أوْ تتوحَّدْ لا تتجدَّدُ بل تتجّمَّدْ
ذات الرداء:
قدْ شاعَ اليومَ عَمى الألوانْ لا حزبَ يرى إلا لوْنَهْ
وفشـا فيـنا صممُ الألحانْ كلٌّ منّـا يسمعُ لحْنـَهْ
الصحفي (متعجباً):
جزرٌ بالخيراتِ غَنِيَّـهْ جنّاتٌ في الأرض بهيَّهْ
فيها ثرواتٌ و كنـوزٌ فيـها طاقاتٌ بشـريَّهْ
كيفَ ذوَتْ فيها الآمالْ ؟ وانـهارتْ قِيَمُ المَدَنِيَّهْ ؟
ذات الرداء:
أحزاب الأمس اتّحَدَتْ ضِدَّ المُستعْمِر والظلم ِ
أحزاب اليوم انقسمتْ من أجل كراسيِّ الحكم ِ
وشباب الأمس تباروا بفداء الموطن بالنفس ِ
وشباب اليوم اختاروا لهُمُ نهجاً: نفسي نفسي
الصحفي :
وكيفَ تريْنَ الجزرَ غدا ؟ هلْ يمكنُ أنْ تنهضَ أبدا ؟
ذات الرّداء :
الفجْرُ يُرى بعْدَ الغسَق ِ وسنخرجُ مِنْ هذا النَّـفق ِ
فهناكَ بشائرُ في الأفق ِ لن نخشى الآن من الغرق
يدخل فجأة ملثمان مسلحان ثم يختفيان في الجهة المقابلة ويُسْمَعُ صوتُ رصاصة. يدخل رجل يترنّخ ثم يتهاوى على الأرض فيسنده الصحفي وذات الرّداء. ينشد :
سأدفع الضَّريبـهْ ضريـبة الدّم ِ
للجزر الحبيبهْ لترابها الظّمي
الصحفي : هاتوا الإسعافْ.. هاتوا الإسعافْ
ذات الرّداء : الرّجلُ يموتْ
الرّجل المترنّخ : ميـتة أشرافْ
يتابع نشيدهُ بصوت متهدّج ولكنه واضح :
لشـعبيَ الحيـاةُ والمجدُ والحريَّهْ
لنْ ينجح الارهاب وإن قضى عليّه
لنْ يخنُقوا نِدائـي إنْ أثخنوا الجِراحا
فمن سنا دمائـي سأصنعُ الصّباحا
الصّحفي : أين الاسعافْ
ذات الرّداء : هاتوا الاسعافْ
يتابع نشيده:
إن أزهرتْ كلماتي وأثمرتْ أفكاري
فإنّـني سـأحـيا في قيم الأحرار ِ
يسقط الشهيد . يأتي رجال الاسعاف ويحملون الشهيد.
تنطفئ الأضواء ثم تصبح خافتة وتخرج المجموعة بثياب سوداء وكل واحد يحمل شمعة.ينشدون بصوت حزين مهيب :
ياوَمْضة حبٍّ نشرتْ نورْ خنقتْها العُتمَة ُ والدَّيْجورُ
نبكيكَ ونبكي كلَّ الفرسان ِ الشجعانْ
مَنْ قالوا : لا للخـوفِ ولا للإذعانْ
تكرر المجموعة النشيد، وحين تصل إلى " لا للخوف ولا للإذعان " تكررها عدّة مرّات بألحان متعددة بالتركيز مرّة على كلمتي " لا" ومرّة على كلمتي " الخوف " و"الإذعان " ثم تطفأ الأضواء.
تنشد ذات الرّداء الأسود :
مَنْ يحمل هذا الحقد لنا ؟ مَنْ يزرعُهُ في مَوْطِنِنا ؟
مَنْ يزرع حاضرنا رُعباً ليُساومَ فيهِ على غَدِنـا ؟
مَنْ فجّر ألغام البغضـاء ليفصـم عُـروة وَحْدَتِنا ؟
هَلْ يعدلُ وَهْجُ كراسي الحُكم ِ وهيجَ حريق مدائِنِنا ؟
تكرر البيت الأخير، فتكرّره المجموعة بالألبسة السوداء بعدها عدّة مرات، ويظهر شيطان الاستبداد ، ويخاطب ذات الرّداء الأسود:
قد جئتُ السّاعةَ في الميعادْ لأعيد الأمنَ لِخيْر بِلادْ
فرحى الفوضى تطحنُ وتدورْ والرعبُ استوطن كلّ الدّورْ
قـد خلخـلنا قيـمَ الأجـدادْ واليـأسُ غدا قدراً مقدورْ
الآن أوان الاســتــبـدادْ قـدْ حان زمان الدكتاتورْ
الآن أوانــك يا فـرعـوْنْ قـدْ عاد زمانك يا نيرونْ
لتخلّـصهـُمْ وتـنغّصَـهُمْ وتـكـون المنقذ والجَلاّدْ
لتـؤمـّنَهُمْ وتـكـبِّـلهُـمْ وتكونَ الحارسَ والأصفادْ
سأرفع فوقهم صنما ليـعبُدوهُ رَغَما
ويعفـّروا له الجباهْ ويقبلوا له القدَما
تخاطب ذات الرّداء الأسود الشيطان بحدّة وتصميم :
لن نرضى الديكتاتوريّهْ وسنحمي الجمهوريّهْ
يضحك الشيطان ويجيب :
سترين يامسكينهْ يا غادتي الحزينهْ
فـالنـاس سوف يَنشدونَ الأمْنَ والسَّكينهْ
ولـن يبادلوا بها حـريّة مجْنونهْ
يضحك ضحكة هستيرية ثم يختفي.
تطفأ الأضواء وتنبعث موسيقى حزينة ثم يضاء المسرح وتغني ذات الرّداء الأبيض :
" سأغنّي
لنْ يشلَّ الغدرُ والإرهابُ لحني
سأغنّي
كلـّما فتَّحتُ أو أغمَضْتُ عيني
من صميمي وفؤادي
سأغنّي لبلادي
كلما هزّت جراحي النّازلاتْ
وتحدّى العدلَ بالجور الجناة ْ
أتحدّاهُمْ وأشدو للحياة ْ
وأرى الفجر بعين المطمئنِّ
وأغنّي
*
في سكون الليل والأنّاتُ يخنقها الظلامْ
والرصاص يمزّق الأفواهَ يحرمها الكلامْ
سأغنّي
وإذا شقّ على المظلوم ظلمُهْ
وصحا النّائم إذ ْ أضناهُ حُلمُهْ
ينفض الأوهامَ عنه والتمنّي
سأغنّي
*
سأغنّي
إن تمادى دكتاتورٌ جاءَ كالخفـّاش في جنح الليالي
وأغنّي
إذ ْ أرى الأحرارَ يختارونَ عزّ السّجن لا ذلَّّ النِّعال ِ
فصدى الأنـّاتِ سوف يدكُّ أركان السّجونْ
وخيوط الفجر تغزلها من السّهد العيونْ
ونداء الشعب دوّى : "سنكونْ أوْ لا نكونْ"
يسكب الأرواح في أروع لحن
ويغنّي
*
يخاطب الصحفي ذات الرداء الأسود :
لا تحزني يا غادتي الحسناءْ فلن يدوم الكره والعداءْ
لا بد أن تنقشـع الظلمـاءْ ويـغمر الأفئدة الضياءْ
وفي غـد تنتصر المحـبَّهْ على دعاة الكره والبغضاءْ
ويلتقي في الجزر الأحـبَّهْ ليصنعوا مستقبلاً وضّاءْ
تدخل معظم المجموعات السابقة بألبستها الزاهية ما عدا مجموعة المرتشين وأعوان الأمير السفاح. وينشد الجميع في انسجام وتلاحم :
ينتصر الحب على المحن ِ ويخيب شياطين الفتن ِ
وتشيع البسمة والأفراحْ وتعود البهجة للأرواحْ
ويعم الأمن بكل مكـانْ وتعود الثقة إلى الإنسانْ
ينتصر الحبُّ على الطمع ِ ينتصر الحب على الجشع ِ
ينتصر الحبُّ على الأحقادْ وعلى الطغيان والاستبدادْ
ينتصر الحب على الجهويّهْ وعلى التحزب والعصبيَّهْ
ينتصر التسامحْ والودُّ والتصالحْ
ينتصر التحاورْ في الرأي والتشاورْ
تنتصر الحريَّهْ والعدل في الرعيَّة
ينتصر الحبْ ينتصر الحبْ
الصحفي :
سأغادركم عند الفجـر ِ وعسى إن أمهلني عمري
أن أرجع في عجل لكمو لأرى عنْ كثبٍ ما يجري
وسأبقى صحفيـا يقظـا وأميـنا في نقل الخـبر ِ
لن أسكت عن ظـلم أبدا أو أمعن نفخـا في الشرر ِ
ذات الرداء :
شكرا لنصير الحريَّهْ وعدو الديكتاتوريَّهْ
من يهزم بسلاح الكلمَهْ أطغى الناس وأعتى الظلمَهْ
من يقدم لا يجبنُ أبدا في الحق ولا يخشى أحدا
تردد المجموعة :
شكرا لنصير الحريَّهْ وعدو الديكتاتوريَّهْ
الصحفي :
عيشوا بالحبْ وثقوا بالحبْ فليحيا الحبْ، ينتصر الحبْ
تردد المجموعة: " بالحبّ نعيشْ مُتآخيـنا
نتحدُ معاً جسداً قوياً واحدا
يلتقط الصحفي بالكاميرا عدة صور لذات الرداء والمجموعة وهم يرددون:
ينتصر الحبْ، فليحيا الحبْ
يخرج الصحفي من المسرح ملوحا بيده لهم ومودعا بينما تستمر ذات الرداء والمجموعة في ترديد:
ينتصر الحبْ، فليحيا الحبْ
يــغــلــــق الســــــــــــــتــار
للاطلاع على الأشعار الأخرى للكاتب انقر هنا: الأعمال الشعريّة